السلام عليكمـ
إخوااني الأحبااء : نلتقي وإياكم هذا اليوم على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان !
نلتقي ونحن نتذكّر ذلك الفرح الذي عم قلوبنا بالأمس بلقاء هذا الشهر ،
واليوم نقف على أعتابه عشره الأخيرة ، وهو ماضٍ بصفحاتنا ،
راحل بأعمالنا ، فماذا يا ترى لدينا في أيام الوداع ؟
إن المتأمّل في هذا الشهر يجد دون تروٍّ أن هناك حكمة عظيمة من وراء شرعيته ،
لقد جعله الله تعالى على قسمين ، عشرون من أيامه جعلها الله تعالى فرصة لأخذ مزيد من الطاعة ،
وترقى بنا خلال هذه العشرين في فضائل الأعمال التي جاءت في لحاف البشائر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ثم جعل الله تعالى هناك فرصة مضاعفة من فاته شيء من الفضل ، جعل الله تعالى هذه العشر الأخيرة بمثابة مسك الختام للوداع ،
واختصها الله تعالى بليلة القدر ، تلك الليلة التي تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر في تاريخ الإنسان .
بين يديك في ليالي هذه العشر ليلة عظيمة القدر والشأن ،
قال الله تعالى فيها : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر )
وقال صلى الله عليه وسلم : من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه ( متفق عليه )
وأهل العلم على أن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كل ليلة تحقق له شهود ليلة القدر
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة .
لقد تحدث نبيك صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر حديث المعظّم لها
فقال صلى الله عليه وسلم : التمسوها في العشر الأواخر في الوتر . متفق عليه .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ،
ليلة القدر في تاسعة تبقي ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى . رواه البخاري .
وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ،
فقال : خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فَرُفعت ، وعسى أن يكون خيراً لكم ،
فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها ، فليتحرها في السبع الأواخر . متفق عليه .
وقد قرر أهل العلم رحمهم الله تعالى أنها في الأوتار آكد كما هو ظاهر حديث النبي صلى الله علي وسلم .
ذكر الله تعالى الغنيمة الباردة ، والزاد اليسير ، أعظم سلاح يتزوّد به المتقربين في هذه العشر ،
يكفي في ذلك حديث نبيك صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ؟ وأرفعها في درجاتكم ؟
وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ؟ وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ "
قالوا : بلى قال : ذكر الله . رواه الترمذي وصححه الألباني .
ذكر الله تعالى أيها المسلم في هذه الأيام زاد المتقين ، وقربة المؤمنين ،
وهو الباب الذي يزدلف الإنسان منه إلى ربه تبارك وتعالى .
واعلم أن حفظك للأذكار المقيّدة كالأذكار بعد الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ،
وأذكار النوم والاستيقاظ ، والأكل والشرب ، ودخول المسجد ، والخلاء ونحو ذلك ،
ودوامك على الأذكار المطلقة في كل حين طريق لنيل رضى ربك ،
وتحقيق لسبق غيرك ، وطريق للفوز والكرامة بين يدي ربك يوم القيامة
أدعوك دعاء المحب لحبيبه ، دعاء الناصح لأخيه ، أدعوك أن تعتبر هذه العشر الفرصة التي قد لا تعود ،
والحياة التي قد لاتتكرر مرة أخرى .. كن إيجابياً ،
وانظر إلى الفرص بعين المتسابق التي يتمنى أن تلوح له .
سائلاً الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد .
.............
اسال الله ان يتم علينا رمضان بقبوله وان يجعلنا من عتقائه من النيران ..
وان يرزقنا وجميع المسلمين قيام ليلة القدر ويوفقنا لكل خير فيها ..
دمتم بخير ..